تماضر صادق
من بوابة التعليم تبدأ رحلة الكفاح، ومن بوابة العمل تستبين الوجهة المراد عبورها نحو المستقبل، ولعل المساحة التنافسية التي تفرضها بيئات العمل كافة، وخصوصا بيئات القطاع الخاص، تضع في عين الاعتبار المسافات التي ينبغي على العمانيين والعمانيات قطعها من أجل وضع قدم في المجال المهني والوظيفي، الذي لن يكون حصاده سوى بعد سنوات من الكدح والتراكم والتجارب العملية، المكتبية أو الميدانية، والتي ستنفتح بها أبواب الخبرة.
في بيئة العمل العمانية، وعلى مستوى الفئتين من الذكور والإناث، قد يكون من السهل الدخول إلى عالم العمل، لكن سيصعب التعامل مع التفاصيل، سواء كانوا أفرادا أو بيئة العمل بشكل عام، ولهذا فإن بعض المهن طرقها ليست معبدة، بل شائكة وذات مسارات حصوية حادة، ظاهرها غير باطنها، وتجاربها تحمل الكثير من المتاهات التي يحصل فيها العديد من الأشياء التي لا يراها العابرون، أو يخفيها البعض عنوة.
اجتهاد ومثابرة
المسميات الوظيفية جميعها تحتاج إلى اجتهاد ومثابرة، وهي وسيلة طبيعية لمن أراد/ت الحصول على مستوى جيد من الخبرة التي تسمح بالترقي في العمل درجة درجة؛ لكن ثمة وظائف بعينها، تستدعي مزيدا من الاجتهاد، ومزيدا من المثابرة، ومواصفات شخصية ولغوية وكاريزمية، ومساحات واسعة من الصبر والنفس الطويل وتكرار المحاولات من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، سواء كان الطموح هدفا مرحليا أو طويل الأمد.
يمكن التأشير إلى أن وظائف العلاقات العامة أو التسويق أو الترويج المصحوبة نتائجها بجلب المال، هي خيارات ليست سهلة للفئتين الذكورية والإناثية على حد سواء، لأن البيئة العملية تتطلب نتيجة (مالية)، ومن هنا تبدأ مسيرة البيانات، وتجريب الحظ، والدخول في مساحات حوارية، والزمن الميت في التسويفات والانتظارات والمتابعات العقيمة.
يحصل هذا لأن كل منا يبحث عن فرصة البروز والاختلاف، من أجل الحصول على استحقاق الخبرة والتجربة والتراكم الزمني المطلوب، ولكن الشرائح المُخاطَبة ليست مهتمة بذلك كله، بقدر اهتمامها بالحديث غير المجدي، والتسويفات غير العملية، وفي النهاية الخروج بعدم الجدوى.
طرق ملتوية
يحصل، أن البعض من الشريحة المُخاطَبة، ليست لديهم الأمور واضحة في التعاطي، بمعنى أنها ملتبسة، لا هي بيضاء ولا سوداء، بل رمادية، وهي المنطقة التفاعلية التي يكثر فيها السلوك الملتوي وغير الجاد والمشوب بالشكوك وعدم الالتزام، وهذه مساحة كافية بجعل المرء يصبر حتى لا يملّ الصبر من صبره، من أجل الوصول إلى المأرب والنتيجة، ومن أجل تحقيق الهدف الذي يسعى إليه، لتبدأ أساليب المناورة واللفّ والدوران أو الاستغلال أو التخيير أو وضع شروط وإملاءات لا تمتّ لفكرة العمل البينيّ بصلة، ولهذا تكون النتائج – في أغلبها – تمشي على قاعدة (الغاية تبرر الوسيلة)، غايات ملتبسة، ووسائل ملتوية، وطرقات أسهل ما يمكن وصفها به هو أنها غير احترافية، مما يعني أن الموظف لن يجني خبرة صحيحة وسليمة، بل سيجني خبرات تراكمية ملتوية، بأثمان تستنزف الوقت والجهد والخصوصية أحيانا.
مرايا سوداء
كثيرة هي جهات العمل التي تعلم أن الهدف يجرّ إلى نتائج لن يكون الحصول عليها مبنيا على الاحترافية والجهد والمثابرة، ولذلك تدرك تلك الجهات ما تريد، لذلك لا تعنيها الوسيلة، بل النتيجة، النتيجة هي المعيار، وإلا لكان من الضروري إعداد هذه الشريحة المهنية بطريقة تتناسب مع طبيعة التعامل مع الطرف الآخر، بما يُكسب الطرفين نتائج ملموسة وعملية، وبما يصبّ في صالح إعداد الكفاءات بما يتناسب معها، لتكون المرايا التي تعكس الخبرات العمانية ذكورا وإناثا مرايا شفافة وليست سوداء، مرايا ذات انعكاس مُجدٍ خبرةً ومالا، ولكن هذا لا يحدث، وتلك الجهات تدرك لماذا هذا لا يحدث.
خاتمة
الجهد والمثابرة موجودان من أجل تحقيق بيئة عمل موضوعية وإيجابية وتنافسية، وليس لغايات لا تهم الوسائل التي يتم من خلالها تحقيقها، وليس بالضغط من أجل تحقيق تلك الغايات بكيفما اتفق من أساليب.
المصدر: المسار